الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
مطلب في صلاة الرغائب قال في البحر: ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب في أولى جمعة منه وأنها بدعة، وما يحتاله أهل الروم من نذرها لتخرج عن النفل والكراهة فباطل ا هـ. قلت: وصرح بذلك في البزازية كما سيذكره الشارح آخر الباب، وقد بسط الكلام عليها شارحا المنية، وصرحا بأن ما روي فيها باطل موضوع، وبسطا الكلام فيها خصوصا في الحلية وللعلامة نور الدين المقدسي فيها تصنيف حسن سماه ردع الراغب، عن صلاة الرغائب، أحاط فيه بغالب كلام المتقدمين والمتأخرين من علماء المذاهب الأربعة. مطلب في ركعتي الاستخارة (قوله ومنها ركعتا الاستخارة) عن «جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال ويسمي حاجته» رواه الجماعة إلا مسلما شرح المنية. [تتميم] معنى فاقدره اقضه لي وهيئه، وهو بكسر الدال وبضمها، وقوله: {أو قال عاجل أمري» شك من الراوي. قالوا: وينبغي أن يجمع بينهما فيقول " وعاقبة أمري وعاجله وآجله " وقوله: {ويسمي حاجته» قال ط: أي بدل قوله: {هذا الأمر». ا هـ. قلت: أو يقول بعده وهو كذا وكذا، وقالوا الاستخارة في الحج ونحوه تحمل على تعيين الوقت. وفي الحلية: ويستحب افتتاح هذا الدعاء وختمه بالحمدلة والصلاة. وفي الأذكار أنه يقرأ في الركعة الأولى الكافرون، وفي الثانية الإخلاص. ا هـ. وعن بعض السلف أنه يزيد في الأولى {وربك يخلق ما يشاء ويختار} إلى قوله: {يعلنون} وفي الثانية {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة} الآية. وينبغي أن يكررها سبعا، لما روى ابن السني {يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي سبق إلى قلبك فإن الخير فيه» ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء ا هـ. ملخصا. وفي شرح الشرعة: المسموع من المشايخ أنه ينبغي أن ينام على طهارة مستقبل القبلة بعد قراءة الدعاء المذكور، فإن رأى منامه بياضا أو خضرة فذلك الأمر خير، وإن رأى فيه سوادا أو حمرة فهو شر ينبغي أن يجتنب ا هـ. مطلب في صلاة التسبيح (قوله وأربع صلاة التسبيح إلخ) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه، أو في كل يوم أو ليلة مرة، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر، وحديثها حسن لكثرة طرقه. ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك، وهي أربع بتسليمة أو تسليمتين، يقول فيها ثلثمائة مرة {سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر» وفي رواية زيادة {ولا حول ولا قوة إلا بالله» يقول ذلك في كل ركعة خمسة وسبعين مرة؛ فبعد الثناء خمسة عشر، ثم بعد القراءة وفي ركوعه، والرفع منه، وكل من السجدتين، وفي الجلسة بينهما عشرا عشرا بعد تسبيح الركوع والسجود، وهذه الكيفية هي التي رواها الترمذي في جامعه عن عبد الله بن المبارك أحد أصحاب أبي حنيفة الذي شاركه في العلم والزهد والورع، وعليها اقتصر في القنية وقال إنها المختار من الروايتين. والرواية الثانية: أن يقتصر في القيام على خمسة عشر مرة بعد القراءة، والعشرة الباقية يأتي بها بعد الرفع من السجدة الثانية، واقتصر عليها في الحاوي القدسي والحلية والبحر، وحديثها أشهر، لكن قال في شرح المنية: إن الصفة التي ذكرها ابن المبارك هي التي ذكرها في مختصر البحر، وهي الموافقة لمذهبنا لعدم الاحتياج فيها إلى جلسة الاستراحة إذ هي مكروهة عندنا. ا هـ. قلت: ولعله اختارها في القنية لهذا، لكن علمت أن ثبوت حديثها يثبتها وإن كان فيها ذلك، فالذي ينبغي فعل هذه مرة وهذه مرة. [تتمة] قيل لابن عباس: هل تعلم لهذه الصلاة سورة قال: التكاثر والعصر والكافرون والإخلاص. وقال بعضهم: الأفضل نحو الحديد والحشر والصف والتغابن للمناسبة في الاسم. وفي رواية عن ابن المبارك: يبدأ بتسبيح الركوع والسجود ثم بالتسبيحات المتقدمة. وقال المعلى: يصليها قبل الظهر هندية عن المضمرات. وقيل لابن المبارك: لو سها فسجد هل يسبح عشرا عشرا قال: لا إنما هي ثلثمائة تسبيحة. قال الملا علي في شرح المشكاة: مفهومه أنه إن سها ونقص عددا من محل معين، يأتي به في محل آخر تكملة للعدد المطلوب ا هـ. قلت: واستفيد أنه ليس له الرجوع إلى المحل الذي سها فيه وهو ظاهر، وينبغي كما قال بعض الشافعية أن يأتي بما ترك فيما يليه إن كان غير قصير فتسبيح الاعتدال يأتي به في السجود، أما تسبيح الركوع فيأتي به في السجود أيضا لا في الاعتدال لأنه قصير. قلت: وكذا تسبيح السجدة الأولى يأتي به في الثانية لا في الجلسة لأن تطويلها غير مشروع عندنا على ما مر في الواجبات. وفي القنية: لا يعد التسبيحات بالأصابع إن قدر أن يحفظ بالقلب وإلا يغمز الأصابع. ورأيت للعلامة ابن طولون الدمشقي الحنفي رسالة سماها [ثمر الترشيح في صلاة التراويح] بخطه أسند فيها عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه يقال فيها بعد التشهد قبل السلام: اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجد أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك. اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك؛ وعملا أستحق به رضاك، حتى أناصحك بالتوبة خوفا منك، وحتى أخلص لك النصيحة حبا لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك، سبحان خالق النور ". ا هـ. مطلب في صلاة الحاجة (قوله وأربع صلاة الحاجة إلخ) قال الشيخ إسماعيل: ومن المندوبات صلاة الحاجة، ذكرها في التجنيس والملتقط وخزانة الفتاوى وكثير من الفتاوى والحاوي وشرح المنية. أما في الحاوي فذكر أنها ثنتا عشرة ركعة، وبين كيفيتها بما فيه كلام. وأما في التجنيس وغيره، فذكر أنها أربع ركعات بعد العشاء وأن في الحديث المرفوع يقرأ في الأولى الفاتحة مرة وآية الكرسي ثلاثا، وفي كل من الثلاثة الباقية يقرأ الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرة مرة كن له مثلهن من ليلة القدر. قال مشايخنا: صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا مذكور في الملتقط والتجنيس وكثير من الفتاوى، كذا في خزانة الفتاوى. وأما في شرح المنية فذكر أنها ركعتان، والأحاديث فيها مذكورة في الترغيب والترهيب كما في البحر. وأخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله تعالى، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين». ا هـ. أقول: وقد عقد في آخر الحلية فصلا مستقلا لصلاة الحاجة، وذكر ما فيها من الكيفيات والروايات والأدعية وأطال وأطاب كما هو عادته - رحمه الله تعالى - فليراجعه من أراده. [خاتمة] ينبغي للمسافر أن يصلي ركعتين في كل منزل قبل أن يقعد كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم نص عليه الإمام السرخسي في شرح السير الكبير. وذكر أيضا أنه إذا ابتلي المسلم بالقتل يستحب أن يصلي ركعتين يستغفر الله تعالى بعدهما ليكون آخر عمله الصلاة والاستغفار. وذكر الشيخ إسماعيل عن شرح الشرعة: من المندوبات صلاة التوبة وصلاة الوالدين وصلاة ركعتين عند نزول الغيث وركعتين في السر لدفع النفاق والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج، والله أعلم. (قوله عملا) أي تفرض من جهة العمل لا الاعتقاد أيضا، فلا يكفر جاحدها لوقوع الخلاف فيها؛ فعند أبي بكر الأصم وسفيان بن عيينة وغيرهما سنة. وعند الحسن البصري وزفر والمغيرة من المالكية فرض في ركعة. وفي رواية عن مالك: فرض في ثلاث. وعند الشافعي وأحمد والصحيح من مذهب مالك فرض في الأربع، وتمامه في الحلية. (قوله مطلقا) أي في الأوليين أو الأخريين أو واحدة وواحدة ط. قلت: وقد تفرض القراءة في جميع ركعات الفرض الرباعي كما مر في باب الاستخلاف فيما لو استخلف مسبوقا بركعتين، وأشار له أنه لم يقرأ في الأوليين. (قوله على المشهور) رد لما قيل إنها في الأوليين فرض، وما قيل إنها فيهما أفضل، لكن قدمنا في واجبات الصلاة أنه لا قائل بالفرضية في الأوليين، وإنما ذلك فهمه صاحب البحر من بعض العبارات، وقدمنا تحقيقه هناك فافهم. (قول للمنفرد) أي ولو حكما كالإمام، لانفراده برأيه، وكونه غير تابع لغيره، فخرج المقتدي فلا تفرض عليه القراءة في النفل ولو كان مقتديا بمفترض كما بيناه في باب الإمامة. (قوله لكنه إلخ) أي هذا التعليل للزوم القراءة في كل النفل قاصر لا يعم الرباعية المؤكدة، لما قدمه المصنف من أنه لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى منها ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة. ولو كان كل شفع منها صلاة لصلى واستفتح؛ وهذا الاعتراض لصاحب البحر. وقد يجاب عنه بما أشار إليه الشارح هناك من قوله لأنها لتأكدها أشبهت الفريضة، يعني أن القياس فيها ذلك لكن لما أشبهت الفريضة روعي فيها الجانبان فأوجبوا القراءة في كل ركعاتها. والعود إلى القعدة إذا تذكرها بعد تمام القيام قبل السجود، وقضاء ركعتين فقط لو أفسدها على ما هو ظاهر الرواية كما سيأتي نظرا للأصل، ومنعوا من الصلاة والاستفتاح نظرا للشبه كما فعلوا في الوتر. على أن كون النفل كل شفع منه صلاة ليس على إطلاقه. بل من بعض الأوجه كما مر بيانه، وإلا لزم أن لا تصح رباعية بترك القعدة الأولى منها مع أن الاستحسان أنها تصح اعتبارا لها بالفرض خلافا لمحمد، نعم لو تطوع بست ركعات أو ثمان بقعدة واحدة فالأصح أنه لا يجوز كما في الخلاصة لأنه ليس في الفرائض ست يجوز أداؤها بقعدة، فيعود الأمر فيه إلى القياس كما في البدائع وسيأتي فيه تصحيح خلافه أيضا. (قوله ولزم نفل إلخ) أي لزم المضي فيه، حتى إذا أفسده لزم قضاؤه أي قضاء ركعتين، وإن نوى أكثر على ما يأتي، ثم هذا غير خاص بالصلاة وإن كان المقام لها. قال في شرح المنية: اعلم أن الشروع في نفل العبادة التي تلزم بالنذر ويتوقف ابتداؤها على ما بعده في الصحة سبب لوجوب إتمامه وقضائه إن فسد عندنا وعند مالك، وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس وكثير من الصحابة والتابعين كالحسن البصري ومكحول والنخعي وغيرهم، فخرج الوضوء وسجدة التلاوة وعيادة المريض وسفر الغزو ونحوها مما لا يجب بالنذر لكونه غير مقصود لذاته، وخرج ما لا يتوقف ابتداؤه على ما بعده في الصحة نحو الصدقة والقراءة، وكذا الاعتكاف على قول محمد، ودخل فيه الصلاة والصوم والحج والعمرة والطواف والاعتكاف على قولهما. ا هـ. [تنبيه] ظاهر كلامهم أنه يلزم القضاء بمجرد الشروع الصحيح وإن أفسده للحال وفي المعراج عن الصغرى لو أفسد الصوم النفل في الحال لا يلزمه القضاء، أما لو اختار المضي ثم أفسده عليه القضاء. قلت: وهكذا في الصلاة ولو شرعت في النفل ثم حاضت وجب القضاء. ا هـ. ومثله في شرح الشيخ إسماعيل وحمله السيد أبو السعود على النفل المظنون، وكلام القهستاني يدل عليه، وكذا كلام المنح كما يأتي. (قوله أو بقيام الثالثة) أي وقد أدى الشفع الأول صحيحا، فإذا أفسد الثاني لزمه قضاؤه فقط، ولا يسري إلى الأول لأن كل شفع صلاة على حدة بحر (قوله شروعا صحيحا) احترز به عن اقتدائه متنفلا بنحو أمي أو امرأة كما يأتي، وقوله قصدا احترز به عما لو ظن أن عليه فرضا ثم تذكر خلافه كما يأتي. (قوله إلا إذا شرع إلخ) أي فلا يلزمه قضاء ما قطعه. ووجهه كما في البدائع أنه ما التزم إلا أداء هذه الصلاة مع الإمام وقد أداها. (قوله بعد تذكره) أي تذكر ذلك الفرض بأنه عليه لم يصله. (قوله أو تطوعا آخر) وكذا لو أطلق بأن لم ينو قضاء ما قطعه ولا غيره. (قوله أو في صلاة ظان) معطوف على قوله متنفلا فهو مستثنى أيضا. وصورته كما في التتارخانية عن العيون برواية ابن سماعة عن محمد بن الحسن قال: رجل افتتح الظهر وهو يظن أنه لم يصلها فدخل رجل في صلاته يريد به التطوع، ثم ذكر الإمام أنه ليس عليه الظهر فرفض صلاته فلا شيء عليه ولا على من اقتدى به ا هـ. لكن ذكر في البحر في باب الإمامة عند قوله وفسد اقتداء رجل بامرأة وصبي أن نفل المقتدي في هذه الصورة مضمون عليه بالإفساد، حتى يلزمه قضاؤه بخلاف الإمام ا هـ. ويمكن الجواب بأن مراده بالإفساد إفساد المقتدي صلاته فيلزمه القضاء بإفساده دون إفساد إمامه فلا يخالف ما تقدم لكن المتبادر من كلام السراج أن المراد إفساد الإمام فإنه قال: فلو خرج الظان منها لم يجب عليه قضاؤها بالخروج عند أصحابنا الثلاثة، ويجب على المقتدي القضاء. ا هـ. فإما أن يؤول أيضا بما قلنا وإلا فهو رواية ثانية غير ما مشى عليها الشارح فافهم. (قوله أو أمي إلخ) محترز قوله شروعا صحيحا لأن الشروع في صلاة من ذكر غير صحيح، وحينئذ فلا محل لاستثنائه إلا بالنظر إلى مجرد المتن، إذ ليس فيه ذلك القيد فافهم. قال السيد أبو السعود وينبغي في الأمي وجوب القضاء بناء على ما سبق من أن الشروع يصح ثم تفسد إذا جاء أوان القراءة. ا هـ. (قوله يعني وأفسده في الحال) أي حال التذكر، وهذا راجع إلى مسألة الظان فقط. قال في المنح: واحترز بقوله قصدا عن الشروع ظنا، كما إذا ظن أنه لم يصل فرضا فشرع فيه فتذكر أنه قد صلاه صار ما شرع فيه نفلا لا يجب إتمامه حتى لو نقضه لا يجب القضاء. وفي الصغرى: هذا إذا أفسد الصوم النفل في الحال، أما إذا اختار المضي ثم أفسده فعليه القضاء. قال: وهكذا في الصلاة، كذا في المجتبى. ا هـ. أقول: وعزاه بعض المحشين أيضا إلى شرح الجامع للتمرتاشي، لكن علل في التجنيس مسألة الصوم بأنه لما مضى عليه صار كأنه نوى المضي عليه في هذه الساعة، فإذا كان قبل الزوال صار شارعا في صوم التطوع فيجب عليه. ا هـ. وحاصله أنه إذا اختار المضي على الصوم بعد التذكر وكان في وقت النية صار بمنزلة إنشاء نية جديدة فيلزمه وهذا لا يتأتى في الصلاة فإلحاقها بالصوم مشكل فليتأمل. (قوله أما لو اختار المضي) الظاهر أن ذلك يكون بمجرد القصد، وفيه ما علمته. ونقل ط عن أبي السعود عن الحموي أنه لا يكون مختارا للمضي إلا إذا قيد الركعة بسجدة. أقول: فهم الحموي ذلك من الفرق بين الصوم والصلاة الآتي قريبا، وفيه نظر فتدبر. (قوله على الظاهر) أي ظاهر الرواية عن الإمام. وعنه أنه لا يلزمه بالشروع في هذه الأوقات اعتبارا بالشروع في الصوم في الأوقات المكروهة. والفرق على الظاهر صحة تسميته صائما فيه، وفي الصلاة لا إلا بالسجود، ولذا حنث بمجرد الشروع في لا يصوم، بخلاف لا يصلي سيأتي إن شاء الله تعالى نهر (قوله إلا بعذر) استثناء من قوله حرم: أي إنه عند العذر لا يحرم إفساده، بل قد يباح، وقد يستحب، وقد يجب كما قدمه في آخر مكروهات الصلاة. ومن العذر ما إذا كان شروعه في وقت مكروه. ففي البدائع: الأفضل عندنا أن يقطعها وإن أتم فقد أساء ولا قضاء عليه لأنه أداها كما وجبت، فإذا قطعها لزمه القضاء ا هـ. قال في البحر: وينبغي أن يكون القطع واجبا خروجا عن المكروه تحريما، وليس بإبطال للعمل لأنه إبطال ليؤديه على وجه أكمل فلا يعد إبطالا. (قوله ووجب قضاؤه) أي ولو قطعه بعذر ولو كان لكراهة الوقت كما علمت. قال في البحر: ولو قضاه في وقت مكروه آخر أجزأه لأنها وجبت ناقصة، وأداها كما وجبت فيجوز كما لو أتمها في ذلك الوقت. (قوله وسيجيء) أي في كتاب الإيمان وذكر في البحر شيئا من أحكامه هنا فراجعه. (قوله ويجمعها) أي النوافل التي تجب بالشروع وضابطها كل عبادة تلزم بالنذر ويتوقف ابتداؤها على ما بعده في الصحة، كما قدمناه قريبا عن شرح المنية. (قوله من النوافل إلخ) هذا النظم عزاه السيد أبو السعود إلى صدر الدين بن العز، وهو النوع المسمى عند المولدين بالمواليا، وبحره بحر البسيط. (قوله قاله الشارع) هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه الذي شرع الأحكام، وفيه مع ما قبله الجناس التام (قوله طواف) أي يلزمه إتمام سبعة أشواط بالشروع فيه بمجرد النية إلا إذا شرع فيه يظن أنه عليه كما في شرح اللباب. (قوله عكوفه) سيذكر الشارح في باب الاعتكاف نقلا عن المصنف وغيره أن ما في بعض المعتبرات من أنه يلزم بالشروع مفرع على الضعيف: أي على رواية تقدير الاعتكاف النفل بيوم، أما على ظاهر الرواية من أن أقله ساعة فلا يلزم، بل ينتهي بالخروج من المسجد. قلت: لكن ذكر في البدائع أن الشروع فيه ملزم بقدر ما اتصل به الأداء، ولما خرج فما وجب إلا ذلك القدر فلا يلزمه أكثر منه ا هـ. فتأمل. نعم سنذكر في الاعتكاف عن الفتح أن اعتكاف العشر في رمضان ينبغي لزومه بالشروع. (قوله إحرامه) قال في لباب المناسك: لو نوى الإحرام من غير تعيين حجة أو عمرة صح ولزمه وله أن يجعله لأيهما شاء قبل أن يشرع في أعمال أحدهما ا هـ. وبهذا غاير الحج والعمرة وإن استلزماه فاندفع التكرار كما قاله ح. (قوله وقضى ركعتين) هو ظاهر الرواية. وصحح في الخلاصة رجوع أبي يوسف عن قوله أولا بقضاء الأربع إلى قولهما فهو باتفاقهم لأن الوجوب بسبب الشروع لم يثبت وضعا بل لصيانة المؤدى وهو حاصل بتمام الركعتين، فلا تلزم الزيادة بلا ضرورة بحر. (قوله لو نوى أربعا) قيد به لأنه لو شرع في النفل ولم ينو لا يلزمه إلا ركعتان اتفاقا. وقيد بالشروع لأنه لو نذر صلاة ونوى أربعا لزمه أربع بلا خلاف كما في الخلاصة لأن سبب الوجوب فيه هو النذر بصيغته وضعا بحر. (قوله على اختيار الحلبي وغيره) حيث قال في شرح المنية: أما إذا شرع في الأربع التي قبل الظهر وقبل الجمعة أو بعدها ثم قطع في الشفع الأول أو الثاني يلزمه قضاء الأربع باتفاق لأنها لم تشرع إلا بتسليمة واحدة، فإنها لم تنقل عنه عليه الصلاة والسلام إلا كذلك، فهي بمنزلة صلاة واحدة، ولذا لا يصلي في القعدة الأولى ولا يستفتح في الثالثة. ولو أخبر الشفيع بالبيع وهو في الشفع الأول منها فأكمل لا تبطل شفعته وكذا المخيرة لا يبطل خيارها وكذا لو دخلت عليه امرأته وهو فيه فأكمل لا تصح الخلوة ولا يلزمه كمال المهر لو طلقها، بخلاف ما لو كان نفلا آخر فإن هذه الأحكام تنعكس. ا هـ. وذكر في البحر أنه اختاره الفضلي وقال في النصاب إنه الأصح. لأنه بالشروع صار بمنزلة الفرض لكن ذكر في البحر قبل ذلك أنه لا يجب بالشروع فيها إلا ركعتان في ظاهر الرواية عن أصحابنا لأنها نفل. قلت: وظاهر الهداية وغيرها ترجيحه. (قوله في خلال) قيد به لأنه لو نقص بين آخر القعدة الأولى وبين القيام إلى الثالثة لا يلزمه شيء لأن الشفع الأول قد تم بالقعدة، والثاني لم يشرع فيه حينئذ. وقد ذكره المصنف بعده بقوله ولا قضاء لو قعد قدر التشهد ثم نقض. (قوله أو الثاني) أي وكذا يقضي ركعتين لو أتم الشفع الأول بقعدته ثم شرع في الثاني فنقضه في خلاله قبل القعدة فيقضي الثاني فقط لتمام الأول، لكن ينبغي وجوب إعادة الأول لترك واجب السلام مع عدم انجباره بسجود سهو كما هو الحكم في كل صلاة أديت مع ترك واجب، ولا يخالف ذلك كلامهم هنا، لأن كلامهم في لزوم القضاء وعدمه بناء على الفساد وعدمه والإعادة هي فعل ما أدي صحيحا مع الكراهة مرة ثانية بلا كراهة. (قوله أي وتشهد للأول) قيد لقوله أو الثاني ح والمراد بالتشهد القعود قدر التشهد سواء قرأ التشهد أو لا، فهو من إطلاق الحال على المحل (قوله وإلا) أي وإن لم يتشهد للشفع الأول. ونقضه في خلال الشفع الثاني يفسد الكل لأن الشفع الأول إنما يكون صلاة إن وجدت القعدة الأولى؛ أما إذا لم توجد فالأربع صلاة واحدة بحر وذكره الشارح بقوله أو ترك قعود أول ح. (قوله والأصل أن كل شفع صلاة) أي فلا يلزمه بتحريمة النفل أكثر من ركعتين وإن نوى أكثر منهما، وهو ظاهر الرواية عن أصحابنا بحر. (قوله إلا بعارض اقتداء) أي اقتداء المتطوع بمن تلزمه الأربع؛ كما لو اقتدى بمصلي الظهر ثم قطعها فإنه يقضي أربعا، سواء اقتدى به في أولها أو في القعدة الأخيرة لأنه التزم صلاة الإمام وهي أربع. بحر ونهر عن البدائع. (قوله أو نذر) أي لو نذر صلاة ونوى أربعا لزمته بلا خلاف كما قدمناه عن البحر. وعلله في النهاية عن المبسوط بأنه نوى ما يحتمله لفظه لتناول اسم الصلاة للركعتين والأربع، فكأنه قال لله علي أن أصلي أربع ركعات. ا هـ. وقد مر قبيل قوله وركعتان قبل الصبح أنه لو نذر أربعا بتسليمة فصلاها بتسليمتين لا يخرج عن النذر بخلاف عكسه، ومفاد ما هنا أن نذر الأربع يكفي في لزومها وإن لم يقيدها بتسليمة، فلا يخرج عن عهدة النذر بصلاتها بتسليمتين. (قوله أو ترك قعود أول) لأن كون كل شفع صلاة على حدة يقتضي افتراض القعدة عقيبه فيفسد بتركها كما هو قول محمد وهو القياس، لكن عندهما لما قام إلى الثالثة قبل القعدة فقد جعل الصلاة واحدة شبيهة بالفرض وصارت القعدة الأخيرة هي الفرض وهو الاستحسان وعليه فلو تطوع بثلاث بقعدة واحدة كان ينبغي الجواز اعتبارا بصلاة المغرب، لكن الأصح عدمه لأنه قد فسد ما اتصلت به القعدة وهو الركعة الأخيرة. لأن التنفل بالركعة الواحدة غير مشروع فيفسد ما قبلها. ولو تطوع بست ركعات بقعدة واحدة، قيل يجوز والأصح لا، فإن الاستحسان جواز الأربع بقعدة اعتبارا بالفرض، وليس في الفرض ست ركعات تؤدى بقعدة فيعود الأمر إلى أصل القياس كما في البدائع. مبحث المسائل الستة عشرية. [تنبيه] ينبغي أن يستثنى أيضا من الأصل المذكور المؤكدة بناء على اختيار الحلبي وغيره. (قوله كما يقضي ركعتين إلخ) شروع في مسائل فساد النفل الرباعي بترك القراءة به بعد ذكر فساده بغيره وهي المسائل الملقبة بالثمانية؛ وبالستة عشرية. والأصل فيها أن صحة الشروع في الشفع الأول بالتحريمة وفي الثاني بالقيام إليه مع بقاء التحريمة والتحريمة لا تبقى عند أبي حنيفة مع ترك القراءة في ركعتي الشفع الأول فلا يصح الشروع في الشفع الثاني حتى لا يلزمه قضاؤه بإفساده، بل يقضي الأول فقط لفساد أدائه بترك القراءة بخلاف الترك في ركعة فإنه يفسد الأداء دون التحريمة، حتى وجب قضاء الشفع الأول كالترك في الركعتين وصح الشروع في الثاني. وعند محمد وزفر الترك في ركعة من الشفع مفسد للتحريمة والأداء كالترك في ركعتين، فلا يصح شروعه في الثاني فلا يلزمه قضاؤه بإفساده، بل قضاء الأول فقط. وعند أبي يوسف الترك في ركعة أو ركعتين يفسد الأداء فقط والتحريمة باقية فيصح شروعه في الثاني مطلقا. والحاصل أن التحريمة لا تفسد عند أبي يوسف بترك القراءة مطلقا، وتفسد عند محمد وزفر بتركها مطلقا. وعند الإمام تفسد بتركها أصلا: أي في الركعتين لا في ركعة، ويجمع الأقوال قول الإمام النسفي: تحريمة النفل لا تبقى إذا تركت فيها القراءة أصلا عند نعمان والترك في ركعة قد عده زفر كالترك أصلا وأيضا شيخ شيبان وقال يعقوب تبقى كيفما تركت فيها القراءة فاحفظه بإتقان (قوله في شفعيه) فيقضي الشفع الأول عندهما لبطلان التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني، ويقضي أربعا عند أبي يوسف لبقائها عنده وإفساد الأداء في الشفعين بترك القراءة (قوله في الأول فقط) أي فيقضي ركعتين إجماعا، أما عندهما فلفساد التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني؛ وأما عند أبي يوسف فإنه وإن صح الشروع فيه فإنه لم يفسد لوجود القراءة فيه؛ فيقضي الأول فقط (قوله أو الثاني) أي فيقضيه فقط إجماعا لصحة الأول وصحة الشروع في الثاني، وفساد أدائه بترك القراءة فيه (قوله أو إحدى ركعتي الثاني) أي فيقضيه فقط إجماعا أيضا لما قلنا. وتحته صورتان لأن الواحدة إما أولى الثاني أو ثانيته. (قوله أو إحدى ركعتي الأول) فيه صورتان أيضا: أي فيلزمه قضاؤه فقط إجماعا أيضا لإفساده بترك القراءة في ركعة منه، ولفساد التحريمة، وعدم صحة الشروع في الثاني عند محمد، ولبقائها مع صحة أداء الثاني عندهما. (قوله أو الأول وإحدى الثاني) تحته صورتان أيضا: أي لو ترك القراءة في الشفع الأول وفي ركعة من الثاني: أي أولاه أو ثانيته يقضي الشفع الأول عند الإمام ومحمد لفساد التحريمة، وعدم صحة الشروع في الثاني. وعند أبي يوسف يقضي أربعا لصحة الشروع في الثاني، وإفساد الأداء فيهما بترك القراءة. (قوله لا غير) يحتمل أنه قيد لقوله وإحدى الثاني. ويحتمل كونه قيدا لهذه الصور: أي يقضي ركعتين في هذه الصور المذكورة لا في غيرها مما سيأتي. ويحتمل كونه قيد الركعتين أي يقضي ركعتين لا غير في جميع ما مر. (قوله لأن الأول إلخ) تعليل للزوم قضاء ركعتين لا غير وعلى قول الإمام في جميع هذه الصور بالإشارة إلى أصله فيها، وهو أنه إذا بطل الشفع الأول بترك القراءة فيه أصلا لا يصح بناء الشفع الثاني عليه لفساد التحريمة، ومفهومه أنه إذا لم يبطل الأول يصح بناء الثاني عليه، ومعلوم أن ترك القراءة في ركعة أو في ركعتين بعد صحة الشروع مفسد للأداء وموجب للقضاء، فأفاد بمنطوق التعليل المذكور وجه قضاء ركعتين لا غير في قول المصنف لو ترك القراءة في شفعيه، وقوله أو تركها في الأول، وقوله أو الأول وإحدى الثاني لأنه في هذه الصور كلها قد أفسد الشفع الأول بترك القراءة فيه أصلا فبطلت التحريمة ولم يصح بناء الشفع الثاني عليه، وحيث لم يصح بناؤه لم يلزمه قضاؤه، بل لزمه قضاء الأول لا غير. وأفاد بمفهوم التعليل المذكور وجه قضاء ركعتين لا غير في باقي الصور، وهي قول المصنف أو الثاني أو إحدى الثاني أو إحدى الأول فإنه في هذه الصور لم يبطل الشفع الأول عند الإمام فبقيت التحريمة وصح شروعه في الثاني، لكنه لما ترك القراءة فيه أو في ركعة منه لزمه قضاؤه فقط، ولما ترك القراءة في ركعة من الأول فقط لزمه قضاؤه فقط لصحة بناء الثاني وصحة أدائه فافهم. (قوله فهذه تسع صور) لأن المذكور صريحا في كلام المصنف ست، ولكن لفظ إحدى في المواضع الثلاثة يصدق على الركعة الأولى من الشفع أو الثانية فتزيد ثلاث صور أخرى. (قوله لو ترك القراءة في إحدى كل شفع) أي في ركعتين من شفعين كل ركعة من شفع بأن تركها في الأولى مع الثالثة أو الرابعة، أو في الثانية مع الثالثة أو الرابعة، فهذه أربع، وقوله وإحدى الأول فيه صورتان لأن هذه الواحدة إما أولاه أو ثانيته، ففي هذه الست يقضي أربعا عندهما، وركعتين فقط عند محمد بناء على أصله المار من فساد التحريمة بترك القراءة في ركعة من الشفع الأول؛ وفي هذه الست قد وجد ذلك، فلم يصح عنده الشروع في الشفع الثاني منها؛ وأما عندهما فلا تفسد التحريمة بذلك فصح الشروع، فلزم قضاء كل من الشفعين لإفساد أدائهما، وكون الواجب قضاء أربع ركعات في الصور الأربع الأول عند أبي حنيفة موافق لأصله المار، لكن أنكر أبو يوسف على محمد رواية ذلك عن أبي حنيفة وقال: رويت لك عنه أنه يلزمه قضاء ركعتين ومحمد لم يرجع عن رواية ذلك عنه، ونسب أبا يوسف إلى النسيان. وما رواه محمد هو ظاهر الرواية واعتمده المشايخ، وهذه إحدى مسائل ست رواها محمد في الجامع الصغير عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وأنكرها أبو يوسف، وتمامه في البحر. (قوله وبصورة القراءة في الكل) أي كل الركعات، وإنما لم يذكروها لأنها صحيحة، والكلام فيما يلزم قضاؤه للفساد بترك القراءة، لكن هذه الصورة هي تتمة القسمة العقلية لأنه لا يخلو إما أن يكون قرأ في الأربع أو ترك في الأربع أو في ثلاث، وتحته أربع صور فهذه ست؛ أو ترك في ركعتين أي في الأولى في الثانية أو مع الثالثة أو مع الرابعة أو في الثانية مع الثالثة أو مع الرابعة، أو في الثالثة مع الرابعة، فهذه ست أيضا، أو ترك في واحدة فقط وتحته أربع، فهذه ست عشرة صورة. وقد رسمتها في جدول على هذا الترتيب مشيرا إلى القراءة بالقاف، وإلى عدمها بلا، وإلى عدد ما يجب قضاؤه في جانب كل صورة بالعدد الهندي على مذاهب أئمتنا الثلاثة بالترتيب على أصولهم المارة، فإن كنت أتقنتها يسهل عليك استخراجها، وصورته هكذا: قوله لكن بقي ما إذا لم يقعد) صورتها قرأ في الأوليين ولم يقعد القعدة الأولى وأفسد الأخريين. وحكمها أنه يقضي أربعا إجماعا، كذا في النهر. وقد ذكره الشارح مرتين: الأولى قوله أي وتشهد للأول وإلا يفسد الكل. الثانية قوله أو ترك قعود أول ح. قلت: والمراد إفساد الأخريين بترك القراءة لأن الكلام فيه، وقد أشار الشارح إلى أن ما مر من قضاء ركعتين أو أربع مفروض فيما إذا قعد على رأس الركعتين، وإلا فعليه قضاء الأربع اتفاقا لأنه إذا لم يقعد يسري فساد الشفع الثاني إلى الأول كما نبه عليه في البحر تبعا للعناية. (قوله أو قعد ولم يقم لثالثة) صورتها: ترك القراءة وقعد ولم يقم. وحكمها أنه يقضي ركعتين، كذا في النهر ح. (قوله أو قام ولم يقيدها بسجدة) صورتها: ترك القراءة في الشفع الأول ثم قام إلى الركعة الثالثة ثم أفسدها قبل أن يقيد الثالثة بسجدة، فحكمها أنه يقضي ركعتين عندهما. وعند أبي يوسف أربعا كذا في النهر، ومثله ما إذا أفسدها بعد التقيد بسجدة ح. أقول: وما نقله ح في هذه المواضع عن النهر موجود فيه وكأنه ساقط من نسخة ط. ثم اعلم أن استدراك الشارح بذكر المسألتين الأخيرتين لا محل له هنا لأن الكلام في إفساد أحد الشفعين من الرباعية أو كل منهما يترك القراءة، أما إفساده بما سوى ذلك فهو ما ذكره المصنف قبل بقوله وقضى ركعتين لو نوى أربعا إلخ كما نبهنا عليه هناك، وهاتان المسألتان داخلتان فيه، فتأمل. (قوله فتنبه) لعله أمر بالتنبه إشارة إلى ما قررناه. (قوله وميز المتداخل) المراد به ما اختلفت صورته واتحد حكمه وهي عبارة العناية، حيث جعل سبعا من الصور داخلة في الثمانية الباقية، وذلك لأن المذكور في المتن ثمانية صور، ست يلزم فيها ركعتان، واثنتان يلزم فيهما أربع، لكن الست الأولى تسع في التفصيل والاثنتان ست، فهم خمس عشرة. ا هـ. ح (قوله وحكم مؤتم إلخ) صورته: رجل اقتدى متنفلا بمتنفل في رباعي فقرأ الإمام في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين فكما يلزم الإمام قضاء الأربع كذلك يلزم المؤتم ولو اقتدى به في التشهد، وقس على ذلك ح. (قوله وقعد قدر التشهد) أي وقرأ في الركعتين (قوله أو شرع ظانا إلخ) تصريح بمفهوم قوله سابقا شرع فيه قصدا كما أفاده المصنف ط (قوله غير مضمون) أي لا يلزمه قضاؤه لو أفسده في الحال، أما لو اختار المضي عليه ثم أفسده لزمه قضاؤه كما قدمه الشارح وقدمنا الكلام عليه، وكذا لا يجب القضاء على من اقتدى به فيه متطوعا كما في التتارخانية وقدمنا الكلام فيه أيضا. (قوله لأنه شرع مسقطا إلخ) أي لأن من ظن أن عليه فرضا يشرع فيه لإسقاط ما في ذمته لا لإلزام نفسه بصلاة أخرى، فإذا انقلبت صلاته نفلا بتذكر الأداء كانت صلاة لم يلتزمها فلا يلزمه قضاؤها لو أفسدها. (قوله أو صلى أربعا) أي وقرأ في الكل ح. (قوله فأكثر) هذا خلاف الأصح كما قدمناه عن البدائع والخلاصة. وفي التتارخانية: لو صلى التطوع ثلاثا ولم يقعد على الركعتين فالأصح أنه يفسد؛ ولو ستا أو ثمانيا بقعدة واحدة اختلفوا فيه. والأصح أنه يفسد استحسانا وقياسا ا هـ. لكن صححوا في التراويح أنه لو صلاها كلها بقعدة واحدة وتسليمة أنها تجزئ عن ركعتين، فقد اختلف التصحيح (قوله استحسانا) والقياس فساد الشفع الأول كما هو قول محمد بناء على أن كل شفع صلاة فتكون القعدة فيه فرضا. (قوله فتبقى واجبة إلخ) أي كما في نظيره من الفرض الرباعي، فإن القعدة الأولى فيه واجبة لا يبطل بتركها والفريضة التي يبطل بتركها إنما هي الأخيرة. (قوله وفي التشريح) في بعض النسخ الترشيح بتقديم الراء على الشين، وفي بعضها التوشيح بالواو بدل الراء وهو المشهور: اسم كتاب شرح الهداية للسراج الهندي. (قوله صح خلافا لمحمد) لأنه يقول بفساد الشفع بترك قعدته كما هو القياس وقد مر، لكن قوله صح مبني على أن ما زاد على الأربع كالأربع في جريان الاستحسان فيه وهو قول لبعض المشايخ، وقد علمت اختلاف التصحيح فيه (قوله ويسجد للسهو) سواء ترك القعدة عمدا أو سهوا، نعم في العمد يسمى سجود عذر ح عن النهر وسيأتي أن المعتمد عدم السجود في العمد ط. (قوله ولا يسمي ولا يتعوذ) لأنهما لا يكونان إلا في ابتداء صلاة، والشفع لا يكون صلاة على حدة إلا إذا قعد للأول، فلما لم يقعد جعل الكل صلاة واحدة ح. (قوله ويتنفل إلخ) أي في غير سنة الفجر في الأصح كما قدمه المصنف، بخلاف سنة التراويح لأنها دونها في التأكد، فتصح قاعدا وإن خالف المتوارث وعمل السلف كما في البحر، ودخل فيه النفل المنذور فإنه إذا لم ينص على القيام لا يلزمه القيام في الصحيح، كما في المحيط. وقال فخر الإسلام: إنه الصحيح من الجواب، وقيل يلزمه واختاره في الفتح نهر (قوله قاعدا) أي على أي حالة كانت، وإنما الاختلاف في الأفضل كما يأتي. (قوله لا مضطجعا) وكذا لو شرع منحنيا قريبا من الركوع لا يصح بحر، وما ذكره من عدم صحة التنفل مضطجعا عندنا بدون عذر، نقله في البحر عن الأكمل في شرحه على المشارق، وصرح به في النتف. وقال الكمال في الفتح: لا أعلم الجواز في مذهبنا، وإنما يسوغ في الفرض حالة العجز عن القعود، لكن ذكر في الإمداد أن في المعراج إشارة إلى أن في الجواز خلافا عندنا كما عند الشافعية. (قوله ابتداء وبناء) منصوبان على الظرفية الزمانية لنيابتهما عن الوقت: أي وقت ابتداء ووقت بناء ط. (قوله وكذا بناء إلخ) فصله بكذا لما فيه من خلاف الصاحبين. قال في الخزائن: ومعنى البناء أن يشرع قائما ثم يقعد في الأولى أو الثانية بلا عذر استحسانا خلافا لهما. وهل يكره عنده؟ الأصح لا. وأما القعود في الشفع الثاني فينبغي جوازه اتفاقا كما لو شرع قاعدا ثم قام، كذا قاله الحلبي وغيره ا هـ. وكتب عند قوله الأصح لا في هامشه: فيه رد على الدرر والوقاية والنقاية وغيرها، حيث جزموا بالكراهة. (قوله في الأصح) راجع إلى قوله بلا كراهة كما علمته فافهم. (قوله كعكسه) وهو ما لو شرع قاعدا ثم قام فإنه يجوز اتفاقا وهو فعله صلى الله عليه وسلم كما روت عائشة أنه {كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات ونحوها قام} إلخ، وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية. وفي التجنيس: الأفضل أن يقوم فيقرأ شيئا ثم يركع ليكون موافقا للسنة؛ ولو لم يقرأ ولكنه استوى قائما ثم ركع جاز، وإن لم يستو قائما وركع لا يجزيه لأنه لا يكون ركوعا قائما ولا ركوعا قاعدا. ا هـ. بحر. (قوله وفيه) أي في البحر. (قوله أجر غير النبي صلى الله عليه وسلم) أما النبي صلى الله عليه وسلم فمن خصائصه أن نافلته قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما؛ ففي صحيح مسلم: «عن عبد الله بن عمرو قلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا، قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم» بحر ملخصا: أي لأنه تشريع لبيان الجواز؛ وهو واجب عليه. (قوله على النصف إلا بعذر) أما مع العذر فلا ينقص ثوابه عن ثوابه قائما لحديث البخاري في الجهاد {إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا» فتح. وحكى في النهاية الإجماع عليه. وتعقبه في البحر بحكاية النووي عن بعضهم أنه على النصف مع العذر أيضا ثم نقل عن المجتبى أن إيماء العاجز أفضل من، صلاة القائم لأنه جهد المقل. قال: ولا يخفى ما فيه، بل الظاهر المساواة كما في النهاية. ا هـ. لكن ذكر القهستاني ما في المجتبى، ثم قال: لكن في الكشف أنه قال الشيخ أبو معين النسفي: جميع عبادات أصحاب الأعذار كالمومي وغيره تقوم مقام العبادات الكاملة في حق إزالة المأثم لا في حق إحراز الفضيلة. ا هـ. أقول: وهو موافق لقول البعض المار، ويؤيده حديث البخاري: «من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد» فإن العموم " من " يدخل فيه العاجز، ولأن الصلاة نائما لا تصح عندنا بلا عذر وقد جعل له نصف أجر القاعد، وفي هذا المقام زيادة كلام يطلب مما علقناه على البحر (قوله ولا يصلي إلخ) هذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة عن عمر. وظاهر كلام محمد أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد أعلم بذلك منا فتح. (قوله في القراءة إلخ) لما كان ظاهر الحديث غير مراد إجماعا لأن الظهر والعصر يصليان بعد سنتهما وجب حمله على أخص الخصوص؛ ففي الجامع الصغير: أراد لا يصلي بعد الظهر نافلة ركعتين منها بقراءة وركعتين بغير قراءة لتكون مثل الفرض. وقال فخر الإسلام: لو حمل على تكرار الجماعة في مسجد له أهل أو على قضاء الصلاة عند توهم الفساد لكان صحيحا نهر، وما ذكره عن فخر الإسلام نقله في البحر أيضا عن شرح الجامع الصغير لقاضي خان. ثم قال في البحر: فالحاصل أن تكرار الصلاة إن كان مع الجماعة في المسجد على هيئته الأولى فمكروه، وإلا فإن كان في وقت يكره التنفل فيه بعد الفرض فمكروه كما بعد الصبح والعصر؛ وإلا فإن كان لخلل في المؤدى فإن كان ذلك الخلل محققا إما بترك واجب أو بارتكاب مكروه فغير مكروه بل واجب، كما صرح به في الذخيرة وقال إنه لا يتناوله النهي، وإن كان ذلك الخلل غير محقق بل نشأ من وسوسة فهو مكروه. ا هـ. (قوله للنهي) علة لقوله ولا يصلي إلخ، والنهي هو لفظ الحديث المذكور. (قوله وما نقل إلخ) جواب عن سؤال وارد على الوجه الثالث، فإن هذا المنقول ينافي حمل النهي عليه، إذ يبعد أن يكون ما صلاه الإمام أولا مشتملا على خلل محقق من مكروه أو ترك واجب، بل الظاهر أنه أعاد ما صلاه لمجرد الاحتياط وتوهم الفساد، فينافي حمل النهي في مذهبه على الوجه الثالث. والجواب أولا أنه لم يصح نقل ذلك عن الإمام، وثانيا أنه لو صح نقول إنه كان يصلي المغرب والوتر أربع ركعات بثلاث قعدات كما نقله في البحر عن مآل الفتاوى: أي ويكون حينئذ إعادة الصلاة لمجرد توهم الفساد غير مكروه، ويكون النهي محمولا على غير هذا الوجه، لكن لما كانت الصلاة على هذا محتملة لوقوعها نفلا والتنفل بالثلاث مكروه نقول إنه كان يضم إلى المغرب والوتر ركعة، فعلى احتمال صحة ما كان صلاه أولا تقع هذه الصلاة نفلا، وزيادة القعدة على رأس الثالثة لا تبطلها، وعلى احتمال فساده تقع هذه فرضا مقتضيا وزيادة ركعة عليها لا تبطلها، وقد تقرر أن ما دار بين وقوعه بدعة وواجبا لا يترك، بخلاف ما دار بين وقوعه سنة وواجبا لكن لا يخفى عليك أن الجواب عن الإيراد هو الأول؛ وأما الثاني فهو مقرر له، لكنه لا يجدي لعدم ثبوت صحة النقل، فالوجه حينئذ كراهة القضاء لتوهم الفساد كما قاله فخر الإسلام وقاضي خان، فكان ينبغي للشارح الاقتصار على الأول، لكن رأيت في فصل قضاء الفوائت من التتارخانية أن الصحيح جواز هذا القضاء إلا بعد صلاة الفجر والعصر، وقد فعله كثير من السلف لشبهة الفساد ا هـ. وعلى هذا لا يصح حمل الحديث على الوجه الثالث. (قوله ويقعد في كل نفله إلخ) أي لا في حالة التشهد فقط، وهذه المسألة من تتمة السابقة، فكان ينبغي ذكرها قبل قوله ولا يصلي إلخ. (قوله كما في التشهد) أي تشهد جميع الصلوات، وأشار به إلى أنه لا خلاف في حالة التشهد كما في البحر. (قوله على المختار) وهو قول زفر ورواية عن الإمام. قال أبو الليث: وعليه الفتوى. وروي عن الإمام تخييره بين القعود والتربع والاحتباء، وتمامه في البحر. وأفاد في النهر أن الخلاف في تعيين الأفضل وأنه لا شك في حصول الجواز على أي وجه كان. [تنبيه] قيل ظاهر القول المختار أنه في حال القراءة يضع يديه على فخذيه كما في حال التشهد، لكن تقدم في كلام الشارح في فصل إذا أراد الشروع عند قوله ووضع يمينه على يساره إلخ عن مجمع الأنهر أن المراد من القيام ما هو الأعم لأن القاعد يفعل كذلك: أي يضع يمينه على يساره تحت سرته. وفي حاشية المدني: ويؤيده قول ملا علي القارئ عند قول النقاية في كل قيام أي حقيقي أو حكمي كما إذا صلى قاعدا. مطلب في الصلاة على الدابة (قوله ويتنفل المقيم راكبا إلخ) أي بلا عذر، أطلق النفل فشمل السنن المؤكدة إلا سنة الفجر كما مر، وأشار بذكر المقيم أن المسافر كذلك بالأولى؛ واحترز بالنفل عن الفرض والواجب بأنواعه كالوتر والمنذور وما لزم بالشروع والإفساد وصلاة الجنازة وسجدة تليت على الأرض فلا يجوز على الدابة بلا عذر لعدم الحرج كما في البحر (قوله راكبا) فلا تجوز صلاة الماشي بالإجماع بحر عن المجتبى. (قوله خارج المصر) هذا هو المشهور. وعندهما يجوز في المصر، لكن بكراهة عند محمد لأنه يمنع من الخشوع، وتمامه في الحلية. (قوله محل القصر) بالنصب بدل من خارج المصر. وفائدته شمول خارج القرية وخارج الأخبية ح: أي المحل الذي يجوز للمسافر قصر الصلاة فيه، وهو الصحيح بحر. وقيل إذا جاوز ميلا، وقيل فرسخين أو ثلاثة قهستاني (قوله مومئا) بالهمز في آخره أكثر من الياء. قال في المغرب تقول: أومأت إليه لا أوميت، وقد تقول العرب: أومي بترك الهمزة. (قوله فلو سجد) أي على شيء وضعه عنده أو على السرج اعتبر إيماء بعد أن يكون سجوده أخفض. (قوله إلى أي جهة توجهت دابته) فلو صلى إلى غير ما توجهت به دابته لا يجوز لعدم الضرورة بحر عن السراج. (قوله ولو ابتداء عندنا) يعني أنه لا يشترط استقبال القبلة في الابتداء لأنه لما جازت الصلاة إلى غير جهة الكعبة جاز الافتتاح إلى غير جهتها بحر. واحترز عن قول الشافعي رحمه الله تعالى، فإنه يقول: يشترط في الابتداء أن يوجهها إلى القبلة كما في الشرنبلالية ح. قلت: وذكر في الحلية عن غاية السروجي أن هذا رواية ابن المبارك ذكرها في جوامع الفقه، ثم ذكر بعد سياقه الأحاديث أن الأشبه استحباب ذلك عند عدم الحرج عملا بحديث أنس ثم قال: على أن ابن الملقن الشافعي قال: وعند أبي حنيفة وأبي ثور يفتتح أولا إلى القبلة استحبابا ثم يصلي كيف شاء ا هـ. (قوله أو على سرجه إلخ) مثله الركاب والدابة للضرورة، وهو ظاهر المذهب، وهو الأصح؛ بخلاف ما إذا كانت عليه نفسه فإنه لا ضرورة إلى إبقائها، فسقط ما في النهر من أن القياس يقتضي عدم المنع بما عليه ا هـ. ط. قلت: وعليه فيخلع النعل النجس. (قوله ولو سيرها إلخ) ذكره في النهر بحثا أخذا من قولهم: إذا حرك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يكن كثيرا. قلت: ويدل له أيضا ما في الذخيرة: إن كانت تنساق بنفسها ليس له سوقها وإلا فلو ساقها هل تفسد؟ قال: إن كان معه سوط فهيبها به ونخسها لا تفسد صلاته (قوله ثم نزل) أي بعمل قليل، بأن ثنى رجله فانحدر من الجانب الآخر فتح. (قوله وفي عكسه) بأن رفع فوضع على الدابة فتح. (قوله لأن الأول إلخ) وذلك لأن إحرام الراكب انعقد مجوزا للركوع والسجود لقدرته على النزول، فإذا أتى بهما صح، وإحرام النازل انعقد موجبا لهما فلا يقدر على ترك ما لزمه من غير عذر بحر. (قوله أتم على الدابة) لأنه صح شروعه فيها راكبا فصار كما إذا افتتحها ثم تغيرت الشمس فإنه يتمها هكذا تجنيس. (قوله وعليه الأكثر) عبر في البحر وغيره بالكثير. وذكر الرحمتي أن الأول مبني على قولهما بجوازها في المصر. والثاني على قوله بقرينة قوله في التجنيس في فصل القهقهة: ولو افتتح صلاة التطوع خارج المصر راكبا ثم دخل المصر ثم قهقه لا وضوء عليه عند أبي حنيفة. وعند أبي يوسف عليه اعتبارا للابتداء بالانتهاء. ا هـ. (قوله ويبني قائما إلخ) أي إذا نزل في مسألتي المتن. (قوله ولو ركب إلخ) أعاد مسألة المتن السابقة ليذكر لها تعليلا آخر، لكن ذكر في البحر أنه رده في غاية البيان، بأنه لو رفع المصلي ووضع على السرج لا يبني أن العمل لم يوجد فضلا عن العمل الكثير. ا هـ. وحمل المحشي كلام الشارح على صورة ما إذا افتتح راكبا ثم نزل أي فإنه إذا ركب بعد ذلك تفسد صلاته لأن الركوب عمل كثير. قال: فعلى هذا لو حمله شخص ووضعه على الدابة لا تفسد لأنه لم يوجد منه العمل ا هـ. قلت: لكن قوله لا تفسد يحتاج إلى نقل فليراجع. وأيضا فقول الشارح بخلاف النزول لا محل له على هذا الحمل فتأمل. (قوله ولو صلى على دابة إلخ) شروع في صلاة الفرض والواجب على الدابة كما سينبه عليه بقوله هذا كله في الفرائض. واعلم أن ما عدا النوافل من الفرض والواجب بأنواعه لا يصح على الدابة إلا لضرورة؛ كخوف لص على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل، وخوف سبع وطين ونحوه مما يأتي؛ والصلاة على المحمل الذي على الدابة كالصلاة عليها فيومئ عليها بشرط إيقافها جهة القبلة إن أمكنه، وإلا فبقدر الإمكان. وإذا كانت تسير لا تجوز الصلاة عليها إذا قدر على إيقافها وإلا بأن كان خوفه من عدو يصلي كيف قدر كما في الإمداد وغيره، ولا إعادة عليه إذا قدر بمنزلة المريض خانية. واستفيد من التقييد بالإيماء أنه لا اعتبار بالركوع والسجود، ولذا نقل الشيخ إسماعيل عن المحيط: لا تجوز على الجمل الواقف أو البارك وإن صلى قائما إلا أن يكون عند الخوف في المفازة بالإيماء. ا هـ. (قوله بنفسه) احترازا عما إذا لم يقدر إلا بمعين لأن قدرة الغير لا تعتبر كما سيأتي، لكن في شرح الشيخ إسماعيل عن المجتبى: وإن لم يقدر على القيام أو النزول عن دابته أو الوضوء إلا بالإعانة وله خادم يملك منافعه يلزمه في قولهما. وفي قول أبي حنيفة نظر. والأصح اللزوم في الأجنبي الذي يطيعه كالماء الذي يعرض للوضوء ا هـ. ويأتي تمام الكلام فيه. (قوله إذا كانت واقفة) وكذا لو سائرة بالأولى، وإنما قيد به لقوله إلا أن تكون عيدان المحمل إلخ كما نص عليه الشرنبلالي ط (قوله عيدان المحمل) أي أرجله التي كأرجل السرير. (قوله بأن ركز تحته خشبة) الأولى التعبير بالكاف فإنه تنظير لا تصوير ط وهذا لو بحيث يبقى قرار المحمل على الأرض لا على الدابة فيصير بمنزلة الأرض زيلعي، فتصح الفريضة فيه قائما كما في نور الإيضاح. (قوله على العجلة) هي ما يؤلف مثل المحفة يحمل عليها الأثقال مغرب. (قوله أو لا تسير) كذا في الزيلعي والخانية، ومثله في البحر عن الظهيرية. (قوله فهي صلاة على الدابة) أما إذا كانت تسير فظاهر، وأما إذا كانت لا تسير وكانت على الأرض وطرفها على الدابة فمشكل، لأنها في حكم المحمل إذا ركز تحته خشبة، فتكون كالأرض. وقد يفرق بأنها إذا كان أحد طرفيها على الأرض والآخر على الدابة لم يصر قرارها على الأرض فقط بل عليها وعلى الدابة، بخلاف المحمل لأنه إنما تصح الصلاة عليه إذا كان قراره على الأرض فقط بواسطة الخشبة لا على الدابة تأمل وسيأتي ما لو كان كلها على الأرض. (قوله المذكور في التيمم) بأن يخاف على ماله أو نفسه، أو تخاف المرأة من فاسق ط (قوله لا في غيرها) أي في غير حالة العذر ح (قوله وطين يغيب فيه الوجه) أي أو يلطخه أو يتلف ما يبسط عليه، أما مجرد نداوة فلا تبيح له ذلك، والذي لا دابة له يصلي قائما في الطين بالإيماء، كما في التجنيس والمزيد إمداد. مطلب في القادر بقدرة غيره (قوله لأن قدرة الغير لا تعتبر) أي عنده. وعندهما تعتبر كما في البحر. وفي الخانية والكافي: ولو كانت الدابة جموحا لو نزل لا يمكنه الركوب لا بمعين، أو كان شيخا كبيرا لو نزل لا يمكنه أن يركب ولا يجد من يعينه تجوز الصلاة على الدابة. ا هـ. وظاهر المسألة الأولى أنها على قوله. وظاهر الثانية أنها على قولهما إلا أن يرجع قوله ولا يجد من يعينه إلى المسألتين فيكون كل منهما على قولهما تأمل وقدمنا قريبا عن المجتبى أن الأصح عنده لزوم النزول لو وجد أجنبيا يطيعه فهو حينئذ بالاتفاق، وهو مقتضى ما قدمناه أيضا في باب التيمم من أن العاجز عن استعمال الماء بنفسه لو وجد من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لزمه الوضوء اتفاقا، وكذا غيره ممن لو استعان به أعانه كزوجته في ظاهر المذهب بخلاف العاجز عن استقبال القبلة أو التحول عن الفراش النجس فإنه لا يلزمه عنده والفرق أنه يخاف عليه زيادة المرض في إقامته وتحويله لا في الوضوء إلى آخر ما ذكرناه هناك، فراجعه مع ما سنذكره في باب صلاة المريض. وعلى هذا فلا خلاف في لزوم النزول عن الدابة والصلاة على الأرض لمن وجد معينا يطيعه ولم يكن مريضا يلحقه بنزوله زيادة مرض. وأما ما في الخانية وغيرها من أنه لو حمل امرأته إلى القرية لها أن تصلي على الدابة إذا كانت لا تقدر على الركوب والنزول ا هـ. وهذا محمول على ما إذا لم ينزلها زوجها، بقرينة ما في المنية من أن المرأة إذا لم يكن معها محرم تجوز صلاتها على الدابة إذا لم تقدر على النزول ا هـ. وهذا أولى مما في البحر من تفريع ما في الخانية على قوله، وما في المنية على قولهما لكونه خلاف الظاهر ولمخالفته لما قدمناه، فاغتنم هذا التحرير. (قوله حتى لو كان إلخ) تفريع على العذر لا على مسألة القدرة بقدرة الغير إلا بتكلف تأمل. ثم اعلم أن هذه المسألة وقعت لصاحب البحر في سفر الحج مع أمه، وذكر أنه لم ير حكمها وأنه ينبغي الجواز ولم أر من تعقبه، وكتبت فيما علقته عليه أنه قد يقال بخلافه لأن الرجل هنا قادر على النزول والعجز من المرأة قائم فيها لا فيه إلا أن يقال: إن المرأة إذا لم تقدر على الركوب وحدها يلزم منه سقوط المحمل أو عقر الدابة أو موت المرأة، فهو عذر راجع إليه كخوفه على نفسه أو ماله. [تنبيه] بقي شيء لم أر من ذكره، وهو أن المسافر إذا عجز عن النزول عن الدابة لعذر من الأعذار المارة وكان على رجاء زوال العذر قبل خروج الوقت كالمسافر مع ركب الحاج الشريف، هل له أن يصلي العشاء مثلا على الدابة أو المحمل في أول الوقت إذا خاف من النزول، أم يؤخر إلى وقت نزول الحجاج في نصف الليل لأجل الصلاة. والذي يظهر لي الأول لأن المصلي إنما يكلف بالأركان والشروط عند إرادة الصلاة والشروع فيها، وليس لذلك وقت خاص، ولذا جاز له الصلاة بالتيمم أول الوقت وإن كان يرجو وجود الماء قبل خروجه، وعللوه بأنه قد أداها بحسب قدرته الموجودة عند انعقاد سببها وهو ما اتصل به الأداء ا هـ. ومسألتنا كذلك، لكن رأيت في القنية برمز صاحب المحيط: راكب السفينة إذا لم يجد موضعا للسجود للزحمة، ولو أخر الصلاة تقل الزحمة فيجد موضعا يؤخرها وإن خرج الوقت على قياس قول أبي حنيفة في المحبوس إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا ا هـ. لكن تقدم في التيمم أن الأصح رجوع الإمام إلى قولهما بأنه لا يؤخرها بل يتشبه بالمصلين. ورأيت في تيمم الحلية عن المبتغى مسافر لا يقدر أن يصلي على الأرض لنجاستها وقد ابتلت الأرض بالمطر يصلي بالإيماء إذا خاف فوت الوقت ا هـ. ثم قال: وظاهره أنه لا يجوز إذا لم يخف فوت الوقت، وفيه نظر، بل الظاهر الجواز وإن لم يخف فوت الوقت كما هو ظاهر إطلاقهم، نعم الأولى أن يصلي كذلك إلا إذا خاف فوت الوقت بالتأخير كما في الصلاة بالتيمم ا هـ. وهذا عين ما بحثته أولا فليتأمل. (قوله وإن لم يكن إلخ) كان المناسب ذكره قبل بيان الأعذار. (قوله لو واقفة) كذا قيده في شرح المنية ولم أره لغيره، يعني إذا كانت العجلة على الأرض ولم يكن شيء منها على الدابة وإنما لها حبل مثلا تجرها الدابة به تصح الصلاة عليها لأنها حينئذ كالسرير الموضوع على الأرض، ومقتضى هذا التعليل أنها لو كانت سائرة في هذه الحالة لا تصح الصلاة عليها بلا عذر وفيه تأمل لأن جرها بالحبل وهي على الأرض لا تخرج به عن كونها على الأرض؛ ويفيده عبارة التتارخانية عن المحيط. وهي: لو صلى على العجلة، إن كان طرفها على الدابة وهي تسير تجوز في حالة العذر لا في غيرها، وإن لم يكن طرفها على الدابة جازت، وهو بمنزلة الصلاة على السرير ا هـ. فقوله وإن لم يكن إلخ يفيد ما قلنا لأنه راجع إلى أصل المسألة، وقد قيدها بقوله وهي تسير ولو كان الجواز مقيدا بعدم السير لقيده به فتأمل. (قوله هذا كله) أي اشتراط عدم القدرة على النزول، ووضع خشبة تحت المحمل، وعدم كون طرف العجلة على الدابة ح. (قوله والواجب بأنواعه) أي ما كان واجبا لعينه عينا كالوتر، أو كفاية كالجنازة أو لغيره ووجب بالقول كالنذر، أو بالفعل كنفل شرع فيه ثم أفسده، وكسجدة آيتها تليت على الأرض فافهم (قوله بشرط إلخ) أوضحناه في ما مر (قوله لئلا إلخ) علة لقوله بشرط إيقافها ح. والحاصل أن كلا من اتحاد المكان واستقبال القبلة شرط في صلاة غير النافلة عند الإمكان لا يسقط إلا بعذر، فلو أمكنه إيقافها مستقبلا فعل، ولذا نقل في شرح المنية عن الإمام الحلواني أنه لو انحرفت عن القبلة وهو في الصلاة لا تجوز صلاته. قال: وينبغي أن يكون الانحراف مقدار ركن ا هـ. قلت: بقي لو أمكنه الإيقاف دون الاستقبال فلا كلام في لزومه لما ذكره الشارح من العلة، ولو بالعكس هل يلزمه الاستقبال؟ لم أره ثم رأيت في الحلية أن يلزمه، وهو ظاهر قول الشارح هنا، وإلا فبقدر الإمكان. ثم رأيت في الظهيرية ما يدل على خلافه حيث قال: وإن كان في طين وردغة يخاف النزول يصلي إلى القبلة. قال وعندي هذا إذا كانت الدابة واقفة، أما إذا كانت سائرة يصلي حيث شاء ا هـ. يعني إذا كان لا يمكنه إيقافها لخوف فوت الرفقة مثلا يصلي إلى أي جهة كانت. والظاهر أن الأول أولى لأن الضرورة تتقدر بقدرها تأمل. (قوله مطلقا) أي سواء كانت واقفة أو سائرة على القبلة أو لا، قادر على النزول أو لا، طرف العجلة على الدابة أو لا ح. (قوله لا بجماعة إلخ) أي في ظاهر الرواية. واستحسن محمد الجواز لو دوابهم بالقرب من دابة الإمام بحيث لا يكون بينهم وبينه فرجة إلا بقدر الصف قياسا على الصلاة على الأرض والصحيح الأول لأن اتحاد المكان شرط، حتى لو كانا على دابة واحدة في محمل واحد أو في شقي محمل جاز بدائع. (قوله ولو جمع إلخ) تقدمت هذه المسألة مع نظائرها قبيل باب صفة الصلاة (قوله ولو تحية) فيه كلام قدمناه عند الكلام على تحية المسجد. (قوله لزماه به) أي لزمه الركعتان بطهر، وهذا ذكره في البحر بحثا قياسا على ما قال بغير وضوء. أقول: ولا حاجة للبحث، فإن ما في المتن مذكور في متن المجمع. ووجهه أن الناذر لما أوجب عليه ركعتين أوجبهما بطهارة لأن الصلاة لا تكون إلا بها، وقوله بعده بغير طهر رجوع عما التزمه فلا يصح ابن ملك (قوله أي أبي يوسف) أشار إلى أنه كان ينبغي للمصنف التصريح به لأنه لا مرجع للضمير في عنده لأن المتعارف في مثله رجوعه لأبي حنيفة إلا إذا كان له مرجع خاص غيره (قوله كما لو نذر بغير قراءة إلخ) لأن التزام الشيء التزام لما لا يصح إلا به فصار كأنه نذر أن يصلي بقراءة ومستور العورة وركعتين لأن الصلاة غير صحيحة ما لم تكن شفعا وبقراءة وبثوب وكذا لو نذر ثلاثا يلزمه أربع ركعات كما في المجمع، وعلله في شرحه بما قلنا، وأشار بالكاف إلى أن هذه المسائل الثلاث لا خلاف فيها لمحمد. والفرق له بينها وبين المسألة الأولى في شروح المجمع، وقوله وكذا نصف ركعة: أي يلزمه ركعتان، لأن ذكر ما لا يتجزى ذكر لكله فكأنه نذر ركعة وهو التزام لأخرى أيضا كما علمت. (قوله وأهدره الثالث) أي أهدر النذر بغير طهر فقال لا يلزمه شيء لأنه نذر بمعصية؛ ومقتضى ما في الفتح أن المعتمد الأول. [تنبيه] نذر أن يصلي الظهر ثمانية، أو أن يزكي النصاب عشرا أي بضم العين، أو حجة الإسلام مرتين لا يلزمه الزائد لأنه التزام غير المشروع فهو نذر بمعصية بحر. والفرق أن الصلاة بلا قراءة أو عريانا تكون عبادة لمأموم أو أمي ولعادم ثوب وكذا بلا طهارة، لقول أبي يوسف بمشروعيتها لفاقد الطهورين؛ أفاده في البحر. أقول: والتعليل المار بأن التزام الشيء التزام لما لا يصح إلا به يغني عن إبداء الفرق مع شموله للنذر بركعة أو نصفها تأمل. (قوله أو نذر إلخ) كما لو نذر صلاة بمسجد مكة فأداها في القدس مثلا أو في غيره من المساجد جاز لأن المقصود من الصلاة القربة وهي حاصلة في أي مكان، وتقدم قبيل باب الوتر أفضل الأماكن. (قوله لأنه) أي الحيض المفهوم من فعله السابق. (قوله لأنه نذر بمعصية) لأن يوم الحيض مناف للصوم العبادة، بخلاف صوم الغد فإنه باعتبار ذاته قابل للأداء، ولكن صرف عنه مانع سماوي منع الأداء فوجب القضاء. مبحث صلاة التراويح. (قوله التراويح) جمع ترويحة؛ سميت الأربع بها للاستراحة بعدها خزائن، وإنما أخرها عن النوافل لكثرة شعبها واختصاصها عنها بأدائها بجماعة وأحكام أخر، ولذا أفرد لها تأليفا خاصا بأحكامها الإمام حسام الدين، وتبعه العلامة قاسم. (قوله سنة مؤكدة) صححه في الهداية وغيرها، وهو المروي عن أبي حنيفة. وذكر في الاختيار أن أبا يوسف سأل أبا حنيفة عنها وما فعله عمر، فقال: التراويح سنة مؤكدة، ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مبتدعا؛ ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا ينافيه قول القدوري إنها مستحبة كما فهمه في الهداية عنه، لأنه إنما قال يستحب أن يجتمع الناس، وهو يدل على أن الاجتماع مستحب، وليس فيه دلالة على أن التراويح مستحبة، كذا في العناية. وفي شرح منية المصلي: وحكى غير واحد الإجماع على سنيتها، وتمامه في البحر. (قوله لمواظبة الخلفاء الراشدين) أي أكثرهم لأن المواظبة عليها وقعت في أثناء خلافة عمر رضي الله عنه، ووافقه على ذلك عامة الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا بلا نكير، وكيف لا وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ» كما رواه أبو داود بحر (قوله إجماعا) راجع إلى قول المتن سنة للرجال والنساء، وأشار إلى أنه لا اعتداد بقول الروافض إنها سنة الرجال فقط على ما في الدرر والكافي أو أنها ليست بسنة أصلا كما هو المشهور عنهم على ما في حاشية نوح، لأنهم أهل بدعة يتبعون أهواءهم لا يعولون على كتاب ولا سنة، وينكرون الأحاديث الصحيحة (قوله بعد صلاة العشاء) قدر لفظ صلاة إشارة إلى أن المراد بالعشاء الصلاة لا وقتها وإلى ما في النهر من أن المراد ما بعد الخروج منها حتى لو بنى التراويح عليها لا يصح، وهو الأصح؛ وكذا بناؤها على سنتها كما في الخلاصة. قال: فكلهم ألحقوا السنة بالفرض. [تتمة] تقدم في بحث النية الاختلاف في أن السنن لا بد فيها من التعيين أو يكفي لها مطلق النية والأصح الثاني والأحوط الأول وتقدم تمام الكلام فيه فراجعه. هذا وهل يشترط أن يجدد في التراويح لكل شفع نية؟ ففي الخلاصة: الصحيح نعم لأنه صلاة على حدة وفي الخانية: الأصح لا، عين الكل بمنزلة صلاة واحدة كذا في التتارخانية. وظاهره أن الخلاف في أصل النية ويظهر لي التصحيح الأول لأنه بالسلام خرج من الصلاة حقيقة فلا بد في دخوله فيها من النية، ولا شك أنه الأحوط؛ خروجا من الخلاف، نعم رجح في الحلية الثاني إن نوى التراويح كلها عند الشروع في الشفع الأول كما لو خرج من منزله يريد صلاة الفرض مع الجماعة ولم تحضره النية لما انتهى إلى الإمام. (قوله إلى الفجر) هذا آخر وقتها، ولا خلاف فيه كما في النهر. (قوله في الأصح) أي من أقوال ثلاثة: الأول: أن وقتها الليل كله، قبل العشاء، وبعده، وقبل الوتر وبعده لأنها قيام الليل. قال في البحر: ولم أر من صححه. ا هـ. وظاهره أنه يدخل وقتها من غروب الشمس. الثاني: أنه ما بين العشاء والوتر وصححه في الخلاصة ورجحه في غاية البيان بأنه المأثور المتوارث. الثالث: ما مشى عليه المصنف تبعا للكنز، وعزاه في الكافي إلى الجمهور وصححه في الهداية والخانية والمحيط بحر. (قوله فلو فاته بعضها إلخ) تفريع على الأصح، لكنه مبني على أن الأفضل في الوتر الجماعة لا المنزل، وفيه خلاف سيأتي، فقوله أوتر معه: أي على وجه الأفضلية، وكذا على القول الأول من الثلاثة المارة، وأما على القول الثاني منها فإنه يأتي بما فاته وعلله في الخلاصة بأنه لا يمكنه الإتيان بعد الوتر، وبما قررناه ظهر أن ما في البحر من جعله التفريع على الثالث كالثاني صوابه كالأول كما مشى عليه الشارح هنا. وتظهر ثمرة الخلاف أيضا فيما لو صلاها بعد الوتر أو نسي بعضها وتذكر بعد الوتر فصلى الباقي صح على الأول والثالث دون الثاني (قوله ولا تكره بعده في الأصح) وقيل تكره لأنها تبع للعشاء فصارت كسنة العشاء. والجواب أنها وإن كانت تبعا للعشاء لكنها صلاة الليل والأفضل فيها آخره، فلا يكره تأخير ما هو من صلاة الليل، ولكن الأحسن أن لا يؤخر إليه خشية الفوات ح عن الإمداد، وما في البحر من أن الصحيح أنه لا بأس بالتأخير لا يدل على ثبوت كراهة التنزيه حتى يجاب عن قول الشارح لا يكره بأن المنفي كراهة التحريم، لأن كلمة لا بأس تدل على أن خلافه أولى، وليس كل ما هو خلاف الأولى مكروها تنزيها لأن الكراهة لا بد لها من دليل خاص كما قررناه مرارا، بل في رسالة العلامة قاسم وغيرها: والصحيح أنه لا بأس به، وهو المستحب والأفضل لأنها قيام الليل ا هـ. فافهم (قوله ولا وحده) بيان لقوله أصلا: أي لا بجماعة ولا وحده ط (قوله في الأصح) وقيل يقضيها وحده ما لم يدخل وقت تراويح أخرى، وقيل ما لم يمض الشهر قاسم. (قوله فإن قضاها) أي منفردا بحر (قوله كسنة مغرب وعشاء) أي حكم التراويح في أنها لا تقضى إذا فاتت إلخ كحكم بقية رواتب الليل لأنها منها لأن القضاء من خواص الفرض وسنة الفجر بشرطها. (قوله والجماعة فيها سنة على الكفاية إلخ) أفاد أن أصل التراويح سنة عين، فلو تركها واحد كره، بخلاف صلاتها بالجماعة فإنها سنة كفاية، فلو تركها الكل أساءوا؛ أما لو تخلف عنها رجل من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة، وإن صلى أحد في البيت بالجماعة لم ينالوا فضل جماعة المسجد وهكذا في المكتوبات كما في المنية وهل المراد أنها سنة كفاية لأهل كل مسجد من البلدة أو مسجد واحد منها أو من المحلة؟ ظاهر كلام الشارح الأول. واستظهر ط الثاني. ويظهر لي الثالث، لقول المنية: حتى لو ترك أهل محلة كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساءوا. ا هـ. وظاهر كلامهم هنا أن المسنون كفاية إقامتها بالجماعة في المسجد، حتى لو أقاموها جماعة في بيوتهم ولم تقم في المسجد أثم الكل، وما قدمناه عن المنية فهو في حق البعض المختلف عنها. وقيل إن الجماعة فيها سنة عين فمن صلاها وحده أساء وإن صليت في المساجد وبه كان يفتي ظهير الدين. وقيل تستحب في البيت إلا لفقيه عظيم يقتدى به، فيكون في حضوره ترغيب غيره. والصحيح قول الجمهور إنها سنة كفاية، وتمامه في البحر (قوله وهي عشرون ركعة) هو قول الجمهور وعليه عمل الناس شرقا وغربا. وعن مالك ست وثلاثون. وذكر في الفتح أن مقتضى الدليل كون المسنون منها ثمانية والباقي مستحبا، وتمامه في البحر، وذكرت جوابه فيما علقته عليه. (قوله المكمل) بكسر الميم وهو التراويح للمكمل بفتحها وهي الفرائض مع الوتر، ولا مانع أن تكمل الوتر وإن صليت قبله. وفي النهر: ولا يخفى أن الرواتب وإن كملت أيضا إلا أن هذا الشهر لمزيد كماله زيد فيه هذا المكمل فتكمل. ا هـ. ط. (قوله وصحت بكراهة) أي صحت عن الكل. وتكره إن تعمد، وهذا هو الصحيح كما في الحلية عن النصاب وخزانة الفتاوى، خلافا لما في المنية من عدم الكراهة، فإنه لا يخفى ما فيه لمخالفته المتوارث مع تصريحهم بكراهة الزيادة على ثمان في مطلق التطوع ليلا فهنا أولى بحر (قوله به يفتى) لم أر من صرح بهذا اللفظ هنا، وإنما صرح به في النهر عن الزاهدي فيما لو صلى أربعا بتسليمة وقعدة واحدة، وأما إذا صلى العشرين جملة كذلك فقد قاسه عليه في البحر، نعم صرح في الخانية وغيرها بأنه الصحيح مع أنا قدمنا عن البدائع والخلاصة والتتارخانية أنه لو صلى التطوع ثلاثا أو ستا أو ثمانيا بقعدة واحدة فالأصح أنه يفسد استحسانا وقياسا وقدمنا وجهه؛ فقد اختلف التصحيح في الزائد على الأربعة بتسليمة وقعدة واحدة هل يصح عن شفع واحد أو يفسد؟ فليتنبه. [فروع] شكوا هل صلوا تسع تسليمات أو عشرا يصلون تسليمة أخرى فرادى في الأصح للاحتياط في إكمال التراويح والاحتراز عن التنفل بالجماعة، وكذا لو تذكروا تسليمة بعد الوتر عند ابن الفضل. وقال الصدر الشهيد يجوز أن يقال تصلى جماعة وهو الأظهر لأنه بناء على القول المختار في وقتها، ولو سلم الإمام على رأس ركعة ساهيا في الشفع الأول ثم صلى ما بقي قيل يقضي الشفع الأول فقط لصحة شروعه فيما بعده، وقيل يقضي الكل لأن سلامه الأول لم يخرجه من حرمة الصلاة لكونه سهوا، وكذا كل سلام بعده يكون سهوا مبنيا على السهو الأول فقد ترك القعدة على الركعتين في الأشفاع كلها فتفسد بأسرها إلا إذا تعمد السلام أو فعل بعده ما ينافي الصلاة أو علم أنه سها، وتمامه في شرح المنية ويظهر لي أرجحية القول الأول لأن سلامه وإن لم يخرجه لكن تكبيره على قصد الانتقال إلى الشفع الآخر يخرجه عن الأول ثم رأيته في الحلية قال إنه الأشبه (قوله يجلس) ليس المراد حقيقة الجلوس، بل المراد الانتظار لأنه يخير بين الجلوس ذاكرا أو ساكتا وبين صلاته نافلة منفردا كما يذكره، أفاده في شرح المنية والبحر (قوله ندبا) وما يفيده كلام الكنز من أنه سنة تعقبه الزيلعي بأنه مستحب لا سنة، وبه صرح في الهداية. (قوله بين كل أربعة) الأوضح قول الكنز بعد كل أربعة أو قول المنية والدر: بين كل ترويحتين لإيهامه أن الجلسة بعد الشفع الأول من كل أربعة. والجواب أن المراد بين كل أربعة وأربعة فحذف أحد المتعددين كما في قوله تعالى: {لا نفرق بين أحد من رسله} أي بين أحد وأحد، ولا فساد في ذلك فافهم. (قوله وكذا بين الخامسة والوتر) صرح به في الهداية واستدرك عليه في النهر بما في الخلاصة من أن أكثرهم على عدم الاستحباب وهو الصحيح. ا هـ. أقول: هذا سبق نظر، فإن عبارة الخلاصة هكذا: والاستراحة على خمس تسليمات اختلف المشايخ فيه وأكثرهم على أنه لا يستحب وهو الصحيح ا هـ. فإن مراده بخمس تسليمات خمس أشفاع: أي على الركعة العاشرة كما فسر به في شرح المنية لا خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات، فقد اشتبه على صاحب النهر التسليمة بالترويحة فافهم. (قوله بين تسبيح) قال القهستاني: فيقال ثلاث مرات {سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والعظمة والقدرة والكبرياء والجبروت، سبحان الملك الحي الذي لا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، لا إله إلا الله نستغفر الله، نسألك الجنة ونعوذ بك من النار» كما في منهج العباد. ا هـ. (قوله وصلاة فرادى) أي صلاة أربع ركعات فيزاد ست عشرة ركعة. قال العلامة قاسم: إن زادوها منفردين لا بأس به وهو مستحب، وإن صلوها بجماعة كما هو مذهب مالك كره إلخ. وفي النهر، وأما الصلاة فقيل مكروهة، وقيل سنة، وهو ظاهر ما في السراج وأهل مكة يطوفون وأهل المدينة يصلون أربعا. ا هـ. (قوله نعم تكره إلخ) لأن الاستراحة مشروعة بين كل ترويحتين لا بين كل شفعين (قوله والختم مرة سنة) أي قراءة الختم في صلاة التراويح سنة وصححه في الخانية وغيرها، وعزاه في الهداية إلى أكثر المشايخ. وفي الكافي إلى الجمهور، وفي البرهان: وهو المروي عن أبي حنيفة والمنقول في الآثار. قال الزيلعي: ومنهم من استحب الختم في ليلة السابع والعشرين رجاء أن ينالوا ليلة القدر، لأن الأخبار تظاهرت عليها. وقال الحسن عن أبي حنيفة: يقرأ في كل ركعة عشر آيات ونحوها، وهو الصحيح لأن السنة الختم فيها مرة وهو يحصل بذلك مع التخفيف لأن عدد ركعات التراويح في الشهر ستمائة ركعة وعدد آي القرآن ستة آلاف آية وشيء. ا هـ. وما في الخلاصة من أنه يقرأ في كل ركعة عشر آيات حتى يحصل الختم في ليلة السابع والعشرين ونحوه في الفيض فيه نظر لأن توزيعة عشرا فعشرا يقتضي الختم في الثلاثين إلا أن يكون مع ضم الوتر، لكن في الخانية وغيرها ما يفيد تخصيص التراويح، وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل. وفي شرح المنية: ثم إذا ختم قبل آخر الشهر قيل لا يكره له ترك التراويح فيما بقي لأنها شرعت لأجل ختم القرآن مرة قال أبو علي النسفي، وقيل يصليها ويقرأ فيها ما شاء ذكره في الذخيرة ا هـ. (قوله الأفضل في زماننا إلخ) لأن تكثير الجمع أفضل من تطويل القراءة حلية عن المحيط. وفيه إشعار بأن هذا مبني على اختلاف الزمان، فقد تتغير الأحكام لاختلاف الزمان في كثير من المسائل على حسب المصالح، ولهذا قال في البحر: فالحاصل أن المصحح في المذهب أن الختم سنة لكن لا يلزم منه عدم تركه إذا لزم منه تنفير القوم وتعطيل كثير من المساجد خصوصا في زماننا فالظاهر اختيار الأخف على القوم. (قوله وفي المجتبى إلخ) عبارته على ما في البحر: والمتأخرون كانوا يفتون في زماننا بثلاث آيات قصار أو آية طويلة حتى لا يمل القوم ولا يلزم تعطيلها، فإن الحسن روى عن الإمام أنه إن قرأ في المكتوبة بعد الفاتحة ثلاث آيات فقد أحسن ولم يسئ، هذا في المكتوبة فما ظنك في غيرها؟ ا هـ. (قوله وآية أو آيتين) أي بقدر ثلاث آيات قصار بدليل عبارة المجتبى، وإلا فلو دون ذلك كره تحريما لما في المنية وشرحها في بحث صفة الصلاة: لو قرأ مع الفاتحة آية قصيرة أو آيتين قصيرتين لم يخرج عن حد كراهة التحريم، وإن قرأ ثلاثا قصارا أو كانت الآية أو الآيتان تعدل ثلاث آيات قصارا خرج عن حد الكراهة المذكورة ولكن لم يدخل في حد الاستحباب. وينبغي أن يكون فيه كراهة تنزيه إلخ أي لأن السنة قراءة المفصل، فقوله هنا لا يكره أي لا تحريما ولا تنزيها، وإن كره في الفرائض تنزيها فافهم. هذا، وفي التجنيس: واختار بعضهم سورة الإخلاص في كل ركعة، وبعضهم سورة الفيل: أي البداءة منها ثم يعيدها، وهذا أحسن لئلا يشتغل قلبه بعدد الركعات. قال في الحلية: وعلى هذا استقر عمل أئمة أكثر المساجد في ديارنا إلا أنهم يبدءون بقراءة سورة التكاثر في الأولى والإخلاص في الثانية، وهكذا إلى أن تكون قراءتهم في التاسعة عشر بسورة تبت وفي العشرين بالإخلاص ا هـ. زاد في البحر: وليس فيه كراهة في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة بسبب الفصل بسورة واحدة لأنه خاص بالفرائض كما هو ظاهر الخلاصة وغيرها. ا هـ. قلت: لكن الأحوط قراءة النصر وتبت في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة، والمعوذتين في الشفع الثاني منها، وبعض أئمة زماننا يقرأ بالعصر والإخلاص في الشفع الأول من كل ترويحة، وبالكوثر والإخلاص في الشفع الثاني. (قوله ويزيد الإمام إلخ) أي بأن يأتي بالدعوات بحر. (قوله ويكتفي باللهم صل على محمد) زاد في شرح المنية الصغير: وعلى آل محمد، وكأن الشارح اقتصر على الأول أخذا من التعليل لأن الصلاة على الآل لا تفرض عند الشافعي رحمه الله تعالى، بل تسن عنده في التشهد الأخير، وقيل تجب عنده. (قوله هذرمة) بفتح الهاء وسكون الذال المعجمة وفتح الراء: سرعة الكلام والقراءة قاموس، وهو منصوب على البدلية من المنكرات، ويجوز القطع ح. (قوله واستراحة) هي القعدة بعد كل أربع، وقد مر أنها مندوبة، وبه يعلم أن المراد بالمنكرات مجموع ما ذكر، إلا أن يراد بها ما يخالف المشروع. (قوله وتكره قاعدا) أي تنزيها، لما في الحلية وغيرها من أنهم اتفقوا على أنه لا يستحب ذلك بلا عذر لأنه خلاف المتوارث عن السلف. (قوله حتى قيل إلخ) أي قياسا على رواية الحسن عن الإمام في سنة الفجر، لأن كلا منهما سنة مؤكدة. والصحيح الفرق بأن سنة الفجر مؤكدة بلا خلاف بخلاف التراويح كما في الخانية وقدمنا عبارتها في بحث سنة الفجر. (قوله كما يكره إلخ) ظاهره أنها تحريمية للعلة المذكورة. وفي البحر عن الخانية: يكره للمقتدي أن يقعد في التراويح، فإذا أراد الإمام أن يركع يقوم؛ لأن فيه إظهار التكاسل في الصلاة والتشبه بالمنافقين قال تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} ط. قال في الحلية: وفيه إشعار بأنه إذا لم يكن لكسل بل لكبر ونحوه لا يكره وهو كذلك. ا هـ. [تنبيه] قال في التتارخانية: وكذا إذا غلبه النوم يكره له أن يصلي بل ينصرف حتى يستيقظ. تركوا الجماعة في الفرض. (قوله لأنها تبع) أي لأن جماعتها تبع لجماعة الفرض فإنها لم تقم إلا بجماعة الفرض، فلو أقيمت بجماعة وحدها كانت مخالفة للوارد فيها فلم تكن مشروعة؛ أما لو صليت بجماعة الفرض وكان رجل قد صلى الفرض وحده فله أن يصليها مع ذلك الإمام لأن جماعتهم مشروعة فله الدخول فيها معهم لعدم المحذور، هذا ما ظهر لي في وجهه، وبه ظهر أن التعليل المذكور لا يشمل المصلي وحده، فظهر صحة التفريع بقوله فمصليه وحده إلخ فافهم. (قوله ولو لم يصلها إلخ) ذكر هذا الفرع والذي قبله في البحر عن القنية، وكذا في متن الدرر، لكن في التتارخانية عن التتمة أنه سأل علي بن أحمد عمن صلى الفرض والتراويح وحده أو التراويح فقط هل يصلي الوتر مع الإمام؟ فقال لا ا هـ. ثم رأيت القهستاني ذكر تصحيح ما ذكره المصنف، ثم قال: لكنه إذا لم يصل الفرض معه لا يتبعه في الوتر ا هـ. فقوله ولو لم يصلها أي وقد صلى الفرض معه، لكن ينبغي أن يكون قول القهستاني معه احترازا عن صلاتها منفردا؛ أما لو صلاها جماعة مع غيره ثم صلى الوتر معه لا كراهة تأمل. (قوله بقي إلخ) الذي يظهر أن جماعة الوتر تبع لجماعة التراويح وإن كان الوتر نفسه أصلا في ذاته لأن سنة الجماعة في الوتر إنما عرفت بالأثر تابعة للتراويح، على أنهم اختلفوا في أفضلية صلاتها بالجماعة بعد التراويح كما يأتي. مطلب في كراهة الاقتداء في النفل على سبيل التداعي وفي صلاة الرغائب (قوله أي يكره ذلك) أشار إلى ما قالوا من أن المراد من قول القدوري في مختصره لا يجوز الكراهة لا عدم أصل الجواز، لكن في الخلاصة عن القدوري أنه لا يكره، وأيده في الحلية بما أخرجه الطحاوي عن المسور بن مخرمة، قال: دفنا أبا بكر رضي الله تعالى عنه ليلا فقال عمر رضي الله عنه: إني لم أوتر، فقام وصفنا وراءه فصلى بنا ثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن. ثم قال: ويمكن أن يقال: الظاهر أن الجماعة فيه غير مستحبة، ثم إن كان ذلك أحيانا كما فعل عمر كان مباحا غير مكروه، وإن كان على سبيل المواظبة كان بدعة مكروهة لأنه خلاف المتوارث، وعليه يحمل ما ذكره القدوري في مختصره، وما ذكره في غير مختصره يحمل على الأول، والله أعلم ا هـ. قلت: ويؤيده أيضا ما في البدائع من قوله: إن الجماعة في التطوع ليست بسنة إلا في قيام رمضان ا هـ. فإن نفي السنية لا يستلزم الكراهة، نعم إن كان مع المواظبة كان بدعة فيكره. وفي حاشية البحر للخير الرملي: علل الكراهة في الضياء والنهاية بأن الوتر نفل من وجه حتى وجبت القراءة في جميعها، وتؤدى بغير أذان وإقامة، والنفل بالجماعة غير مستحب لأنه لم تفعله الصحابة في غير رمضان ا هـ. وهو كالصريح في أنها كراهة تنزيه تأمل. ا هـ. (قوله على سبيل التداعي) هو أن يدعو بعضهم بعضا كما في المغرب، وفسره الواني بالكثرة وهو لازم معناه. (قوله أربعة بواحد) أما اقتداء واحد بواحد أو اثنين بواحد فلا يكره، وثلاثة بواحد فيه خلاف بحر عن الكافي وهل يحصل بهذا الاقتداء فضيلة الجماعة؟ ظاهر ما قدمناه من أن الجماعة في التطوع ليست بسنة يفيد عدمه تأمل. بقي لو اقتدى به واحد أو اثنان ثم جاءت جماعة اقتدوا به. قال الرحمتي: ينبغي أن تكون الكراهة على المتأخرين. ا هـ. قلت: وهذا كله لو كان الكل متنفلين، أما لو اقتدى متنفلون بمفترض فلا كراهة كما نذكره في الباب الآتي. (قوله في صلاة رغائب) في حاشية الأشباه للحموي: هي التي في رجب في أول ليلة جمعة منه. قال ابن الحاج في المدخل: وقد حدثت بعد أربعمائة وثمانين من الهجرة، وقد صنف العلماء كتبا في إنكارها وذمها وتسفيه فاعلها، ولا يغتر بكثرة الفاعلين لها في كثير من الأمصار. ا هـ. وقدمنا بعض الكلام عليها عند قوله وإحياء ليلة العيدين. (قوله وبراءة) هي ليلة النصف من شعبان. (قوله وقدر) الظاهر أن المراد بها ليلة السابع والعشرين من رمضان لما قدمناه عن الزيلعي من أن الأخبار تظاهرت عليها (قوله إلا إذا قال إلخ) لأنه لا خروج عنها حينئذ إلا بالجماعة. وظاهر كلام الشارح أن النذر من المقتدين دون الإمام وإلا كان اقتداء الناذر بالناذر وهو لا يجوز ثم إن بناء القوي على الضعيف إنما يمنع إذا كانت القوة ذاتية، فلو عرضت بالنذر كما هنا فلا، ومن هنا قال في شرح المنية: النذر كالنفل ط عن أبي السعود. (قوله قلت إلخ) لم ينقل عبارة البزازية بتمامها ونصها: ولا ينبغي أن يتكلف لالتزام ما لم يكن في الصدر الأول كل هذا التكلف لإقامة أمر مكروه وهو أداء النفل بالجماعة على سبيل التداعي، فلو ترك أمثال هذه الصلوات تارك ليعلم الناس أنه ليس من الشعار فحسن. ا هـ. وظاهره أنه بالنذر لم يخرج عن كونه أداء النفل بالجماعة. (قوله وفي التتارخانية إلخ) عبارتها نقلا عن المحيط: وذكر القاضي الإمام أبو علي النسفي فيمن صلى العشاء والتراويح والوتر في منزله ثم أم قوما آخرين في التراويح ونوى الإمامة كره له ذلك، ولا يكره للمأمومين. ولو لم ينو الإمامة وشرع في الصلاة فاقتدى الناس به لم يكره لواحد منهما. ا هـ. قال ط: وهل إذا اقتدى حنفي نوى سنة الجمعة البعدية بشافعي يصلي الظهر بعدها يكره نظرا لاعتقاد الحنفي لأنها نفل عنده على المعتمد أو لا يكره نظرا لاعتقاد الإمام؟ حرره. ا هـ. ويظهر لي الأول لأن الأرجح أن العبرة لاعتقاد المقتدي، وهذه الصلاة في اعتقاده مكروهة. (قوله تصحيحان) رجح الكمال الجماعة «بأنه صلى الله عليه وسلم كان أوتر بهم ثم بين العذر في تأخره مثل ما صنع في التراويح» فالوتر كالتراويح؛ فكما أن الجماعة فيها سنة فكذلك الوتر بحر. وفي شرح المنية: والصحيح أن الجماعة فيها أفضل إلا أن سنيتها ليست كسنية جماعة التراويح. ا هـ. قال الخير الرملي: وهذا الذي عليه عامة الناس اليوم ا هـ. وقواه المحشي أيضا بأنه مقتضى ما مر من أن كل ما شرع بجماعة فالمسجد أفضل فيه.
|